منتدى الإسلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
avatar
Admin
Admin
المساهمات : 6
تاريخ التسجيل : 07/03/2020
https://9slamcom.ahlamontada.com

وقفة مع الأحاديث التي يحتج بها الصوفية في جواز الشرك بالله تعالى في الدعاء والإستغاثة Empty وقفة مع الأحاديث التي يحتج بها الصوفية في جواز الشرك بالله تعالى في الدعاء والإستغاثة

الجمعة نوفمبر 26, 2021 9:15 pm
الحديث الأول

عن عمر رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: يَأْتِي علَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ، مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ هُو بِها بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّه لأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ، فَاسْتَغْفِرْ لي"، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ.

والجواب: ليس في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر بأن يسأل المغفرة من أويس القرني، وإنما أمره أن يطلب منه أن يسأل الله تعالى أن يغفر له، فعمر سأل من أويس أن يسأل الله له المغفرة، ولم يسأل المغفرة من أويس، فشتان بين من يسأل ممن يعتقد فيهم الصلاح أن يدعوا الله له، ومن من يدعوهم من دون الله تعالى! فليس في هذا الخبر حجة للصوفية.

كما أن في هذا الحديث دلالة على أنه لا يجوز دعاء الغائب، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يطلب من أويس ذلك إذا قدم أويس من اليمن، فلو كان دعاء الغائب جائزاً لأمره النبي أن يسأل أويساً في وقته، دون الحاجة لأن ينتظر أويساً حتى يقدم من اليمن!



الحديث الثاني

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا ، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا ، قَالَ : فَيُسْقَوْنَ.

والجواب: وهذا الحديث ليس فيه جواز دعاء الأنبياء والأولياء من دون الله تعالى، فالفاروق هنا نجده يتوجه بالدعاء إلى الله تعالى، فيقول: "اللهم" إلى أخر دعائه، فالفاروق دعى الله وحده، ثم توسل أي: توجه بالعباس بن عبدالمطلب، لقرابته من النبي، ولصلاحه، فهنا الفارقو لم يدعو العباس بن عبدالمطلب، وسأله أن يسقيهم، بل سأل السقيا من الله تعالى، وتوسل إلى الله بالعباس ليجيب دعائهم.

وفي حَدِيث أبي صَالح: "فَلَمَّا صعد عمر وَمَعَهُ الْعَبَّاس الْمِنْبَر، قَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: اللَّهُمَّ إِنَّا توجهنا إِلَيْك بعم نبيك وصنو أَبِيه فاسقنا الْغَيْث وَلَا تجعلنا من القانطين، ثمَّ قَالَ: قل يَا أَبَا الْفضل، فَقَالَ الْعَبَّاس: اللَّهُمَّ لم ينزل بلَاء إلاّ بذنب، وَلم يكْشف إلاّ بتوبة وَقد توجه بِي الْقَوْم إِلَيْك لمكاني من نبيك، وَهَذِه أَيْدِينَا إِلَيْك بِالذنُوبِ، ونواصينا بِالتَّوْبَةِ، فاسقنا الْغَيْث" اهـ

فيتضح من حديث أبي صالح، أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، إنما أراد بتوسله بالعباس أن يدعو لهم، لذلك قال للعباس: "قل يا أبا الفضل" أي: أدع لنا. فدعى لهم العباس رضي الله عنه، فسقاهم الله تعالى.

ويتضح من هذا الخبر أيضاً، أن الفاروق عمر لم يوجه الدعاء بالنبي ولا استغاث به، ولو كان هذا مباحاً أو مندوباً اليه لما احتاج إلى العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم وتوسل بدعائه إلى الله تعالى!



الحديث الثالث

وعن ربيعة بن كعب الأسلمي خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أهل الصُّفة، قال: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فآتيه بوضوئه وحاجته، فقال: سلني فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، فقال: أو غير ذلك؟ قلت: هو ذاك، قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود، رواه مسلم

والجواب: أن ربيعة هنا يدرك أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك شيئاً، ولا يقدر على نفعه أو مضرته، كما قال تعالى في سورة الجن: ( قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا) وقول النبي في الحديث الصحيح: "يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنكي من الله شيئا" أي: أنني لا استطيع أن أعينكي إلا في ما يطيقه المخلوقون عادة من إعانة بعضهم بعضا من أمور الدنيا، فما لا يستطيعه أحاد الناس فإن الأنبياء فضلا عن الأولياء لا يقدرون عليه ولا يستطيعونه.

ويعلم الصحابي أن النبي لا يملك له إلا الدعاء، ونجد هذا البرهان ما ثلا أمامنا في خبر توسل عمر بالعباس رضي الله عنهما، كما قدمنا، ولذلك سأله مرافقته في الجنّة والنبي حي يرزق، يدرك بذلك أن النبي سوف يقوم بالدعاء له ويرجو الله له أن يجعله رفيقاً له في الجنّة، فنجد النبي يقول له "أعني على نفسك بكثرة السجود" أي: أنني سوف أدعو لك، ولكن يجب أن تعينني أنت أيضاً على ذلك بكثرة الصلاة حتى يقبل الله دعائي لك، وانظر إلى ضعف النبي صلى الله عليه وسلم أمام الله تعالى، فهو يعلم أن ربيعة بن كعب إذا لم يتخ الأسباب التي تعينه على الوصول إلى غايته، فإن دعاءه، لن ينفع ربيعة بشيء، فأين ما يقوله الصوفية من أن النبي صلى الله عليه وسلم، لا يرد له طلب، وهاهو هنا، يشير إلى ربيعة بأنه إن لم يقم بالأسباب التي تجعل الله يقبل دعائه له، وإلا فإن فرصته في تحقيق أمنيته ضعيفة جداً، وكيف يزعم هؤلاء الصوفية من أن الله تعالى لا يرد للنبي طلب، لما له من مكانة عظيمة عند الله تعالى، والله يقول في محكم التنزيل: (إِنَّكَ لَا تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ)ويقول تعالى: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) ولكن هؤلاء المتصوفة، همهم نقضالإسلام، بتظاهرهم بتعظيم النبي والصالحين، والنبي وصالحي عباد الله برءاء منهم ومن شركهم، فيدسون لك الشرك الأكبر تحت ستار الإسلام، وتعظيم النبي والصالحين، ليخرجوا الناس من الإسلام كما أدخلهم النبي والصالحين فيه من قبل، (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ)



الحديث الرابع

عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ ، أَنَّ رَجُلًا ضَرِيرَ الْبَصَرِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَنِي ، فَقَالَ : إِنْ شِئْتَ أَخَّرْتَ ذَاكَ ، فَهُوَ أَعْظَمُ لِأَجْرِكَ ، وَإِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ اللَّهَ ؟ ، فَقَالَ : ادْعُهُ ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ ، وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ ، يَا مُحَمَّدُ ، إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ فَتُقْضَى ، اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ. اهـ

والجواب: أن الضرير لم يدعو النبي صلى الله عليه وسلم من دون الله تعالى، ولم يسأل من النبي أن يرد إليه بصره، بل الحديث من أوله إلى أخره ينقض ما يدعيه هؤلاء المشركون من جواز دعاء النبي والولي من دون الله تعالى، فالأعمى سأل من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله له، ولم يدعو النبي، ولم يسأله أن يرد عليه بصره، ويتعلل بما يتعلل به المشركون من أنهم إنما يريدون بدعائهم النبي من دون الله تعالى، أن يدعو النبي لهم الله، فتلك مجرد حيلة ليدفعوا بها عن أنفسهم الحكم بالكفر، ولكي لا يفتضح أمرهم وكفرهم، وليس هذا بنافعهم شيئاً، ثم النبي صلى اله عليه وسلم أرشد الأعمى أن يدعو الله تعالى، ولم يقل أدعني من دون الله، واسألني أن أرد عليك بصرك! بل قال أدع الله، وتوجه بي عليه، واسأله أن يقبل شفاعتي عندما أتوجه إليه من أجلك ليقبل شفاعتي فيك، فانظروا كيف أن النبي يدرك ويخبر الأعمى أن النبي ربما يشف للأعمى ولكن الله تعالى لا يقبل شفاعته للأعمى، فأرشد الأعمى أن يسأل الله تعالى أن يقبل شفاعة نبيه فيه! وهؤلاء الحمقى المشركون، يظنون أن النبي هو بنفسه قادر على النفع والضر، لما له من مكانة ووجاهة عند الله تعالى!



الحديث الخامس

عن عثمان بن حنيف، أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمان بن حنيف فشكى إليه ذلك فقال : ائت الميضأة فتوضأ ثم صلّ ركعتين ثم قل :اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة ، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي عز وجل لتقضى لي حاجتي وتذكر حاجتك ورح حتى أروح معك فانطلق الرجل فصنع ما قال عثمان له ثم أتى عثمان بن عفان ، فجاء البواب فأخذه بيده فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه على الطنفسة فقال: ما حاجتك ، فذكر له حاجته فقضاها له ، ثم قال له: ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة، وقال له: ما كان لك حاجة فأتنا ، ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له: جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت حتى كلّمته فيّ ، فقال عثمان بن حنيف : والله ما كلّمته ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أتاه ضرير فشكا إليه ذهاب بصره فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم : أو تصبر فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد وقد شق علي، فقال له النبي : ائت الميضئة فتوضأ ثم صلّ ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات ، قال عثمان بن حنيف : فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط اهـ

والجواب: أن هذا الخبر لا يختلف عن سابقه، وقصار ما يدل عليه أنه كما أنه يجوز لنا أن نتوجه بالنبي في دعائنا لله تعالى وهو حي، فيجوز لنا أن نتوجه به في دعائنا لله تعالى وهو ميّت، لكن لا يوجد فيه ما يدل على إجازة دعاء النبي من دون الله تعالى بأي صورة من الصور، وبأي شكل من الأشكال.

مع كون هذا الحديث بهذه الزيادة - وهي خبر الرجل الذي أراد الدخول على عثمان بن عفان رضي الله عنه - ضعيف فقد رواه أبو نعيم في الحلية، والطبراني في المعجم الكبير، وفيه اسنادها شبيب بن سعيد، ضعيف، وقد صحح المحدثون روايت شبيب إذا كان يروي عن يونس بن زيد ويروي عنه ابنه أحمد، ولم يتوفر هذان الشرطان في هذه الرواية، فالراوي عن شبيب في هذا الخبر يدعى ابن وهب، وقد تكلم في روايته عنه، والذي روى عنه شبيب هذا الخبر ليس يونس بن زيد بل رواه مرة عن عمير بن يزيد ومرة عن روح بن القاسم، وقد رواه الحاكم من طريق عون بن عمارة البصري عن روح بن القاسم هذا به بدون ذكر القصة المزعومة، وعون هذا وإن كان ضعيفا فروايته أولى من رواية شبيب لموافقتها لرواية المحدثين الأثبات.

فقد رواها الترمذي وابن ماجه وأحمد وابن خزيمة والحاكم والنسائي وعبد بن حميد بدون خبر عثمان بن حنيف مع الرجل الذي أراد الدخول على عثمان بن عفان رضي الله عنه.

فالخبر الذي رواه الطبراني والأصبهاني ضعيف الإسناد، بسبب شبيب هذا، كما أنه منكر المتن، من حيث أنه لم يرو هذه القصة المطولة المزعومة أحد ممن روى حديث عثمان بن حنيف من المحدثين الثقات المشهورين.



الحديث السادس

عن أبي صالح عن مالك الدار عن مالك الدّار مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال :" أصاب النّاس قحط في زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا نبي الله استسق الله لأمّتك. فرأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ائت عمر، فأقرئه السّلام، وقل له : إنّكم مُسْقَوْن، فعليك بالكَيّس، الكيّس، قال : فبكى عمر، وقال : يا ربّي ما آلو إلاّ ما عجزت عنه".

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنّف، والبخاري في التاريخ الكبير مختصرا، والخليلي في الإرشاد.

والجواب: أننا لو سلمنا بصحة هذا الخبر، فهل رأيتم الرجل يدعو النبي ويقول يا رسول الله اسقنا يا رسول الله ارزقنا يا رسول الله اعفوا عنا يا رسول الله اغفر لنا يا رسول الله ادخلنا الجنة؟ أم قال: "يا نبي الله استسق الله لأمتك" ؟

فليس في هذا الخبر دليل على جواز دعاء النبي من دون الله تعالى، بل فيه دلالة على أنه كما أنه يجوز أن نسأل من النبي أن يدعو لنا وهو حي يجوز أن نسأل منه أن يدعو لنا بعد موته، هذا كل ما يفيده الخبر، وهو بخلاف ما يقوم به الأشاعرة والماتريدية والصوفية والإباضية والرافضة الذين يدعون النبي من دون الله تعالى، فشتان بين من يسأل من النبي أن يدعو الله له، وبين من يدعو النبي من دون الله تعالى.

مع أن هذا الخبر ضعيف، ولا تقوم به حجة، فقد قال النقّاد لا يسلم سنده من علة:

العلة الأولى: جهالة حال مالك الدار، وقول الخليلي في الإرشاد بأنه تابعي أثنى عليه التابعون، فيه نظر فمن الذي أثنى عليه ؟! فالخليلي توفي سنة ست وأربعين وأربعمائة، ولم يذكر من أثنى عليه! وبالتالي فمالك الدار غير معلوم العدالة والضبط وهذان شرطان أساسيان في قبول روايته.

والعلة الثانية: أن الخبر على الأرجح مرسل، ولم يصله سوى الخليلي في الإرشاد، ولكنه قال بعد ذلك: "يُقَالُ : إِنَّ أَبَا صَالِحٍ سَمَّعَ مَالِكَ الدَّارِ هَذَا الْحَدِيثَ , وَالْبَاقُونَ أَرْسَلُوهُ" ويقال صيغة تمريض فالخبر مشكوك في اتصاله والأثبت أنه مرسل، لأن الأكثرية أرسلوه.



الحديث السابع

ما روي من أن أن قدم عبدالله بن عمر بن الخطاب خدرت، فقال له رجل: أذكر أحب الناس إليك، أو أدع، بمعنى أذكر، فقال ابن عمر: محمد، وفي رواية: يا محمد، فذهب ما يجد من الخدر في قدمه. رواه البخاري في الأدب المفرد وغيره.

والجواب: أنه مع ضعيف سند هذا الحديث، إلا أن قصار ما في هذا الحديث أن الرجل إذا ذكر أحب الناس إليه، هدئت نفسه، وارتخت أعصابه، فيذهب ما يجد من الخدر في جسمه.

ومما يدل على ذلك، أن الرجل قال: أذكر أحب الناس إليك، أو أدع أحب الناس إليك، ولم يحدد شخصا بعينه، فقد يكون أحب الناس إليه أمه، أو أباه، أو ولده، وقد لا يكون من الأولياء الصالحين في شيء، كما أن من أشار إلى عبدالله بن عمر بذلك ليس نبياً ولا حتى صحابياً، بل هو تابعي، مما يدل على أنه لم يكن مراد عبدالله بن عمر عندما قال محمد أو يا محمد الأستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم، مطلقاً.



الحديث الثامن

ما ذكره ابن كثير الدمشقي في تاريخه البداية والنهاية في ذكر وقعة بني حنيفة حيث قال: "وحمل خالد بن الوليد حتى جاوزهم وسار لجبال مسيلمة وجعل يترقب أن يصل إليه فيقتله، ثم رجع، ثم وقف بين الصفين ودعا البراز وقال: أنا ابن الوليد العود، أنا ابن عامر وزيد، ثم نادى بشعار المسلمين وكان شعارهم يومئذ: يا محمداه" اهـ

والجواب: أن هذا الخبر باطل، ليس له سند يعرف، والثابت أن شعار المسلمين في حرويهم: يا منصور أمت. يتفائلون بالنصر، أي: أيه المنصور بإذن الله اجتهد في القتال حتى الموت.

ثم لو صحت أيضاً لم تكن دليلاً لهؤلاء، لأن هذا مجرد شعار يتعارف به المسلمون به في معمعة الحرب، لكي لا يقتل بعضهم بعضاً، ويستحث به بعضهم بعضاً، وليس بمعنى الاستغاثة بل معناه: يا أنصار النبي محمد جدّوا في الحرب بقدر وسعكم، ومثل هذا معروف عند العرب في الجاهلية، وبعد الإسلام، حيث كانت القبائل العربية في حروبها تعتزي بأسلافها، لكي يعرف بنو القبيلة بعضهم، فلا يقتل بعضهم بعضاً، كما يستخدمونه في استحثاث قومهم، وتشجيهم، على الضراوة في الحرب، قال الأخطل في وقعة جرت بين تغلب وقيس عيلان:

تركوا عميراً والرماح ينشنه .. يدعو وقد حمي الوغى منصورا

أي: يدعوا قومه بني منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان، وهو جدّ قبائل سليم ومازن وهوازن. وكان شعارهم في الحرب: يا منصور، يعتزّون بجدهم الذي ينسبون إليه، لا انهم كانوا يستغيثون بجدهم منصور!



الحديث التاسع

احتجوا بحديث الشفاعة الكبرى، عندما يتوجه الناس يوم القيامة إلى آدم ثم نوح ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى ثم النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

والجواب: أن الناس عندما يهرعون إلى الأنبياء في ذلك الوقت، يكون النبي صلى الله عليه وسلم حياً حياة كاملة، ويسمع ويبصر وقادر على أن يشفع، فتوافرت فيه شروط الاستغاثة والاستعانة والاستعاذة الجائزة.

زيادة على أن حديث الشفاعة، ينقض ملة هؤلاء المشركين، فنجد في هذا الحديث أن الأنبياء، بل أولي العزم من الأنبياء، وصفوة الأنبياء، يخافون في ذلك اليوم من الله تعالى، حتى إنهم لا يجرئون على الشفاعة للناس، ولا يجرئ على ذلك إلا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ثم عندما يحضر أمام الرب عز وجل، يسجد لله تعالى، ويسبحه ويمجده ويعظمه ويقدسه، حتى يرضى عنه، ويأذن له في الشفاعة.

فأين ما يزعمه هؤلاء المشركون من أن الأنبياء والأولياء لا ترد دعوتهم، وأن لهم عند الله مكانة ووجاهة، فلا يرد لهم طلب، وأنهم بهذا ينفعون ويضرون، بإذن الله تعالى، ولذلك يجيزون دعائهم من دون الله تعالى!!



الحديث العاشر

عن أبي حَرْبٍ الْهِلَالِيُّ، قَالَ: حَجَّ أَعْرَابِيٌّ فَلَمَّا جَاءَ إِلَى بَابِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَعَقْلَهَا ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ حَتَّى أَتَى الْقَبْرَ وَوَقَفَ بِحِذَاءِ وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:"" بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ جِئْتُكَ مُثْقَلًا بالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا مُسْتَشْفِعًا بِكَ عَلَى رَبِّكَ لِأَنَّهُ قَالَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا، وَقَدْ جِئْتُكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مُثْقَلًا بالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا أَسْتَشْفِعُ بِكَ عَلَى رَبِّكَ أَنْ يَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي وَأَنْ تَشْفَعَ فِيَّ ثُمَّ أَقْبَلَ فِي عَرْضِ النَّاسِ، وَهُوَ يَقُولُ:

يَا خَيْرَ مَنْ دُفِنَتْ فِي التُّرْبِ أَعْظُمُهُ ... فَطَابَ مِنْ طِيبِهِ الْأَبْقَاعُ وَالْأَكَمُ

نَفْس الْفِدَاءُ بقَبْرٍ أَنْتَ سَاكِنُهُ ... فِيهِ الْعَفَافُ وَفِيهِ الْجُودُ وَالْكَرَمُ

وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَطَابَ مِنْ طِيبِهِ الْقِيعَانُ، وَالْأَكَمُ " انتهى .

والجواب: أن هذا الحديث كسابقيه، ليس للمشركين فيه حجة على جواز دعاء النبي والاستغاثة به من دون الله تعالى، فالأعرابي لم يقل: يا رسول الله أغفر لي، بل جاء مستغفراً الله تعالى، ومستشفعاً بالنبي ليقبل الله استغفاره وتوبته، فالاستغفار لله، والاستشفاع بالنبي، فأين هذا ممن يستغفر النبي والولي من دون الله؟! ويسأله العفو والتوبة من دون الله؟!

ثم إن هذه القصة أصلا لا تصح من حيث السند، فحسبك أنه لم يروها سوى البيهقي، وهو حاطب ليل وجارف سيل، ورواها بإسناد مظلم، لا تقوم بمثله حجة ولو كان الحديث مرفوعاً، فكيف تقوم به حجة في هذا الخبر!

ثم هي مرويّة عن أعرابي مجهول، فمتى كان فعل الأعرابي أو غيره من الناس حجة في دين الله تعالى، إن لم يكن فعلهم عليه دليل من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.



الحديث الحادي عشر والأخير

عن أبي بكر المنقري قال: كنت أنا والطبراني وأبو الشيخ في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنا على حالة فأثر فينا الجوع، فواصلنا ذلك اليوم، فلما كان وقت العشاء حضرت قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقلت: يا رسول الله الجوع الجوع، وانصرفت، فقال لي الطبراني اجلس، فإما أن يكون الرزق أو الموت، فقمت أنا وأبو الشيخ، فحضر الباب علوي ففتحنا له فإذا معه غلامان بقفتين فيهما شيء كثير، وقال: شكوتموني إلى النبي صلى الله عليه وسلم، رأيته في النوم فأمرني بحمل شيء إليكم " ؟

والجواب: هذا الخبر ليس عن الله ولا عن رسوله، وإنما تؤخذ الأحكام الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله، فمن خالفها استحق الذم، فضلاً عن أن يكون قوله أو عمله حجة يحتج بها!

وهذه القصة، مع مخالفتها للآيات الصريحة، والأحاديث الصحيحة، إلّا أن لنا أيضاً معها وقفة، فالعلوي ذكر أن النبي أتاه في المنام، وأمره بأن يحمل إلى المنقري ورفاقه طعاماً، وذلك بسبب دعاء المنقري له، وشكاية الجوع إليه، فهل رأى العلوي حقاً النبي بصفته في المنام، أم أن العلوي رأى شيطاناً تمثل في هيئة رجل، وقدّم نفسه للعلوي على أنه رسول الله، وأخبره بشكاية المنقري الجوع إليه، وأمره بحمل طعام لهم، ومراده من هذا أن يضلهم ويضل العلوي معهم، ويضل بهم من لم يرد الله به خيراً، فإذا راوا ذلك، ظنوا أن هذا ينفعهم حقاً، فصرفوا الدعاء للنبي من دون الله تعالى، بحجة أن هذا نفعهم يوم أصابهم الجوع، بدليل أن النبي حضر للعلوي وأمره بإطعامهم، فيقعون بهذا في الشرك الأكبر، ويخرجون من الإسلام كما دخلوا فيه، ولا شك إن صحة هذه الرواية، أن ما رآه العلوي شيطان، بدليل أن هذا الخبر يخالف القرآن والسنة، والنبي لا يمكن أن يخالفهما، كيف وهو أصلاً من بلغهما وأمر الناس بالعمل بهما!

ولكن مع هذا فالخبر لا يصح، ولا يعرف لها إسناد، إنما يرويها أغبياء المحدثين، الذين يروون كل شاذة وفاذة، بلا عقل ولا بصيرة، لا يعتمد عليه في شيء، لا في إثبات الأحكام، ولا في العقائد من باب أولى.

فقد رواها ابن الجوزي في كتاب الوفا بأحوال المصطفى، بدون إسناد، وذكرها الذهبي في كتبه أيضاً بصيغة التمريض "رُوِي" ولم يذكر لها إسناداً.



وواعجبي من قوم يخالفون الآيات الصريحة والأحاديث الصحيحة التي تنهى عن دعاء غير الله تعالى، ويتشبثون بهذه الأخبار وهي ما بين ضعيفة وباطلة، ثم هي لا تدل على مرادهم وما يدعون إليه من الشرك الأكبر والعياذ بالله تعالى.

وعلى كل فكل دليل يطرحه هؤلاء القوم، إما ضعيف سنداً ولا حجة فيه، أو أنه لا يدل على جواز ما يقومون به من الشرك والإلحاد والعياذ بالله، إنما يقدمونه للجهلة ليشرعنوا به باطلهم، وهم يزعمون أنهم لا يحتجون إلا بالصحيح من الأخبار، ولكن هذا مجرد كلام فارغ، فلا يصح عندهم إلا ما وافق أهوائهم وإن كان موضوعاً، والضعيف والموضوع عندهم ما خالف أهوائهم وإن كان مسلسل بالثقات، نعوذ بالله من الضلال.

وهؤلاء المشركون لديهم حيل ومخاريق، يلبسون بها على الناس، ويصطادون بها من لم يرد الله تعالى به خيرا، فلما كان شركهم ظاهراً لكل أحد، ألهمهم الشيطان ببعض الحيل:

فزعموا أنهم يعتقدون أنه لا ينفع ولا يضر إلا الله وحده، وأن الملك والخلق لله وحده، ولكن هؤلاء لما لهم من وجاهة ومكانة عند الله ندعوهم، فيدعون الله لنا، فيستجيب لهم فينا.

والجواب على ذلك: أن هذا هو عين شرك مشركي قريش في الجاهلية، والدليل على ذلك قوله تعالى: (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ) وقال تعالى: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى) فلم يكن مشركي قريش يعتقدون في ألهتهم أنها تنفع وتضر من دون الله، بل تنفع وتضر بإذن الله تعالى، وإنما يدعونها بزعمهم لما لها من مكانة ووجاهة عند الله، وهي تدعو الله لهم، فيستجيب الله دعائها، فيدفع عنهم ما يضرهم، ويجلب لهم ما ينفعهم.

ولما رأوا أن هذه الحيلة قد بطلت، زعموا أن مشركي العرب قبل الإسلام كانوا يعبدون الحجر والأشجار، بينما هم يدعون أناساً صالحين، من أنبياء وأولياء، ولا يقاس الأنبياء والأولياء بالحجر والشجر.

والجواب على ذلك: أن هذا باطل، فمشركوا العرب قبل الإسلام، كانوا يدعون الملائكة، ويدعون الجنّ، ويدعون الصالحين، زيادة على دعائهم للأحجار والأشجار، ومع ذلك وصف الله تعالى فعلهم بأنه شرك، على كل حال، فقال تعالى: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ)

فلما رأوا أن هذ الحيلة قد بطلت، زعموا أن دعاء النبي والولي من دون الله تعالى لا يكون شركاً إلا إذا اقترن معه اعتقاد الربوبية أو الألوهية في المدعو من دون الله تعالى.

والجواب على ذلك: أن هذا شرط باطل، وإلا فاين يجدون في كتاب الله تعالى أن من شرط النهي عن دعاء غير الله تعالى عدم اعتقاد الربوبية أو الألوهية في غير الله تعالى!

فهؤلاء كمن يقول: أن الله أرسل النبي وأنزل الكتاب ليقول لأبي جهل وأبي لهب وأبي بن خلف لا بأس أن تدعو غير الله من ملاك أو جني أو وثن ولكن لا تقولوا عنه أنه رب أو إله!!

وهذا كلام لا يقول به إلا أسخف الناس عقلا وأسقمهم فهماً لأنه جعل الدين قشوراً بلا لب وعنواناً بلا مضمون. وخالفوا صريح الكتاب والسنة ببهرجة من القول يلبسون بها من أعمى الله بصيرته .

ثم إن مجرد دعائهم للأنبياء والأولياء هو عبادة منهم لهم! واتخذا منهم لهم أرباباً وألهةً من دون الله تعالى، والدليل على ذلك قوله تعالى: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) قال عدي بن حاتم الطائي: قلت: يا رسول الله، إنا لسنا نعبدُهم! فقال: أليس يحرِّمون ما أحلَّ الله فتحرِّمونه, ويحلُّون ما حرَّم الله فتحلُّونه؟ قال: قلت: بلى! قال: فتلك عبادتهم! فوصف الله اليهود النصارى بأنهم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله تعالى، وأنهم عبدوهم من دون الله، مع أنهم لم يصفوهم بالربوبية مطلقاً، ولا قالوا بأنهم آلهة تعبد، فكان مجرد العمل، كاف في اتخاذهم لهم أرباباً وألهة تعبد! ثم انظر كيف فهم عدي - واقره النبي على هذا الفهم - ن اتخاذ الشيء رباً هو من اتخاذه ألهة، وأن طاعته فيما خالف أمر الله تعالى، من اتخاذاه ألهة.

وقد علم بالعقل والفطرة والنقل أن السعادة والشقاء والرزق والنصر والهزيمة والصحة والمرض والحياة والموت والجنة والنار أشياء لا يملكها ولا يقدر عليها إلا الله عز وجل

فلا يهب بالسعادة والغنى والولد والنصر والصحة والحياة والجنة إلا الله وحده لا شريك له لا شريك له في ذلك لا نبي ولا ولي ولا ملك ولا أي شيء.

ولا يدفع الشقاء والفقر والعقم والهزيمة والمرض ولا يميت ولا ينجي من النار إلا الله وحده لا شريك له.

بل حتى فيما يقدر عليه البشر من أمور الدنيا التي أقدرهم الله عليها يجب عليك أن تؤمن بأنه بدون إعانة الله فإن الإنسان عاجز عن أن يقوم بأي شيء

فأجاز الله تعالى أن يستعين ويستعيذ ويستغيث البشر بعضهم ببعض في ما أقدرهم عليه فقط من أمور الدنيا، وأما ما عدا ذلك فإن الإنسان يعرض نفسه للهلاك والوقع في الشرك، فعليه أن يحذر.

ولذلك قال أهل العلم حقا وصدقا أنه لا يجوز لأحد أن يستغيث ويستعيذ ويستعين بمخلوق إلا إذا توفرت فيه ثلاث شروط:

1- أن يكون حيا لا ميتا

2- وأن يكون حاضراً لا غائباً

3- أن يكون في ما يقدر عليه المخلوقون عادة من أمور الدنيا

فمن دعا ميتاً أو غائباً أو دعا أحداً من خلق الله في أمر من الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله والتي بيناها سابقاً، وظن أنه قادر على إجابته فقد وقع في الشرك الأكبر،سواء زعم أن المدعو قادر على نفعه أو ضره استقلالاً من دون الله تعالى، أو لما له من شفاعة ومكانة عند الله تعالى.

فهذا النوع من العبادة هو الذي وقع فيه مشركوا العرب قبل الإسلام، وكانوا يسمونه توسلاً واستشفاعاً، كما يسميه الصوفية والرافضة اليوم توسلاً واستشفاعاً، فأكذبهم الله تعالى في قوله تعالى: (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ ۚ قُلْ أَتُنَبِّـُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِى ٱلْأَرْضِ ۚ سُبْحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ)

فذكر الله تعالى أن المشركين، كانوا يدعون المخلوقات من دون الله تعالى، ويسمون ذلك توسلاً واستشفاعاً، فبيّن الله تعالى، أن هذا ليس توسلاً ولا استشفاعاً بل هذه عبادة لهم من دونه، وسبحه نفسه وقدسها عن هذا الشرك والظلم المبين!

ومن سأل غير الله في هذه الاشياء فقد أشرك الشرك الأكبر، لأنه ساوى بين قدرة الله وقدرة هذا المخلوق، أو زعم من حيث يشعر أو لا يشعر أن الله أشرك هذا المخلوق معه في ربوبيته أو ألوهيته.

ومن تحايل هؤلاء في شرعنة باطلهم، أنهم يأخذون أحاديث التوسل المشروع والتوسل البدعي، ويحتجون بها على جواز التوسل الشركي، وهذا من أعجب العجب!!

فيا عباد الله، الله الله في أنفسكم والله إن العبد الذي يبتغي مرضات الله ليجد الأمر فيه شبه فيجتنبه فكيف وهذا الأمر هو الشرك الأكبر الذي بسببه سوف تخلد في النار أليس أحق بأن تبتعد عنه وتتجافاه !!

والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله واصحابه ومن أتبع سنته إلى يوم الدين.
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى